08.10.2023

الإرشاد والشركات الناشئة

هل تعتبر الأفكار الريادية شرطا أساسيا لنجاح الشركات الناشئة؟ الجواب، لا.

يعتبر تأسيس وتوسيع نطاق عمل المؤسسات الناشئة بالإضافة إلى الحصول على التمويل اللازم من أهم التحديات التي تواجه رواد الأعمال. حيث تختبر مهارات وقدرات رائد العمل في كل مرحلة من مراحل المشروع، بدءًا من مرحلة ما قبل التأسيس وحتى إنتاج النموذج الأولي.

وبالرغم من كل تلك التحديات التي تواجه رواد الأعمال حول العالم، تتميز منظومة الشركات الناشئة في مملكة البحرين بكونها بيئة داعمة لرواد الأعمال، حيث تقدم العديد من الدعم والتوجيه.

قد يكون إطلاق شركة ناشئة لأول مرة أمرًا شاقًا، حيث يتوجب على مؤسسي الشركات اتخاذ العديد من القرارات الرئيسية التي تؤثر على نجاح مشاريعهم وضمان استدامتها. ولهذا السبب، يعد الإرشاد أمراً ضروريًا لرواد الأعمال الشباب وأصحاب المشاريع الناشئة، حتى يتمكنوا من الحصول على دعم خبير متخصص في القطاع و/أو رائد أعمال أكثر خبرة.

بعد عملي مع الكثير من الشركات الناشئة في المنطقة، ومن خلال تجربتي كمدرب أعمال ومرشد ورائد أعمال، أعتقد أن الإرشاد أمر مهم جدا في كل مرحلة من مراحل العمل، ولكن بالنسبة لرواد الأعمال الشباب أجد أنه مفيد بشكل أكبر لا سيما عند بدء المشروع، وفي مرحلة صياغة الإستراتيجية، بالإضافة إلى مراحل الحصول على التمويل.

حيث وجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة UPS أن 70% من رواد الأعمال الذين تلقوا الإرشاد قد استمر عمل شركاتهم لمدة خمس سنوات على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، وجدت مؤسسة Endeavour Insight أن 33% من مؤسسي الشركات الناشئة الذين صنفوا ضمن الأفضل أداءً قد تلقوا جميعًا التوجيه من قبل رواد أعمال ناجحين.

مرحلة البدء: تكون فيها الأفكار قوية، مدفوعة بالشغف، ولكن دور “المتحدي” الذي يلعبه المرشد في هذه المرحلة يسمح له باختبار الفكرة وتحسينها للتأكد مدى تناسبها مع احتياجات السوق، بحيث يمكنها من تحقيق الربحية في الوقت المناسب. يساعد الإرشاد في هذه المرحلة على تجنب إهدار موارد المشروع القيمة، وبدعم من الخبراء يتم إعادة توجيه الجهود نحو الإستراتيجية الصحيحة.

إستراتيجية العمل: هي مرحلة البحث عن الدعم المالي، بالإضافة إلى اختيار نموذج الأعمال الأكثر ملاءمة وإستراتيجية النمو التي يجب اعتمادها، إلى جانب اتخاذ القرارات المرتبطة بالتوسع والتوظيف وتوليد الإيرادات (من بين أمور أخرى) هي مجالات أساسية لنجاح الأعمال. في كثير من الأحيان، قد لا يتمتع رائد الأعمال بالخبرة أو المعرفة في جميع هذه المجالات، وبالتالي من خلال مساعدة المرشد، يمكنه الحصول على التوجيه والدعم المطلوب في تلك القرارات المحورية. يعد تبسيط عملية صنع القرار من خلال إستراتيجية قوية من العوامل الأساسية لنمو الأعمال بشكل صحي. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون رواد الأعمال حريصين على النمو والتوسع بشكل سريع، ولكن قد يؤدي إلى هدر الكثير من الأموال، والذي بدوره قد يؤثر على التدفقات النقدية ويهدد إمكانات النمو. مرة أخرى، يعد اختيار الوتيرة المناسبة واعتماد الإستراتيجية الأكثر ملاءمة من المجالات الرئيسية التي يمكن للموجهين دعم المؤسسين فيها بشكل كبير.

الحصول على التمويل: يتطلب جذب الاستثمارات وجمع الأموال مجموعة من المهارات المحددة. فلقد رأيت العديد من مؤسسي الشركات الناشئة، الذين يسعون للحصول على تمويل أكثر (أو أقل بكثير) مما يحتاجون إليه لمرحلة النمو التالية و/أو أنهم غير متأكدين من كيفية إنفاق تمويلهم أو الجوانب التي يجب الترويج لها بشكل صحيح أمام المستثمرين.

وفي كثير من الأحيان يفتقر رواد الأعمال أيضًا إلى الخبرة اللازمة لعرض فكرتهم أمام المستثمرين، وبالتالي ينتهي بهم الأمر إلى جذب المستثمرين الخطأ (نعم، لا يتعلق الأمر فقط بجمع الأموال، بل بجلب النوع الصحيح من التمويل والاستثمارات). هنا، يعمل الموجهون بشكل وثيق جنبًا إلى جنب مع المؤسس بشأن وضع إستراتيجية النمو والافتراضات وقرارات الإنفاق الرئيسية وخيارات التمويل المناسبة المتاحة والتي تكون أكثر فاعلية من حيث التكلفة وتلبية احتياجات العمل.

لدى كل رائد عمل هدف وحلم للحفاظ على مشاريعه وقيادتها نحو النجاح، وقد أظهر استطلاع أجرته UPS أن الشركات الناشئة التي يتم إرشادها تقل فيها نسبة الخسارة مقارنة بالشركات التي لم يتم إرشادها، واتفق 92٪ من أصحاب الأعمال الصغيرة على أن الموجهين لهم تأثير مباشر على نمو واستمرارية أعمالهم. كما أظهرت بيانات مسح الشركات الأمريكية أن الشركات التي تتلقى الإرشاد قد زادت إيراداتها السنوية بمتوسط 83% مقارنة بـ 16% لأولئك الذين لا يحصلون على الإرشاد. تعكس الإحصائيات ما نراه على أرض الواقع، وهو أن الإرشاد يمكن أن يكون رصيدًا قيمًا للغاية لنجاح الشركات الناشئة.

من المهم أن نعرف أنه لا يوجد رائد أعمال ” على علم بكل شيء”، فمن الضروري أن يتم الاستثمار في العلم والبحث عن الدعم المناسب في كل مرحلة من مراحل أعمالهم. لقد طلب كل من مارك زوكربيرج وبيل جيتس المشورة من ستيف جوبز ووارن بافيت على التوالي على مر السنين، وذلك يثبت أن رائد الأعمال المتمكن يمكنه أيضا العمل على توفير الوقت والجهد والمال أثناء تنمية مشاريعهم وبناء فرق عمل قوية من خلال البحث عن النوع المناسب من الدعم.

الكاتب: نورهان الظن – المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نور كوتشنق ذ.م.م