09.06.2022

اجعل العالم أقرب إليك

 

منذ آلاف السنين اعتبرت مملكة البحرين مركزًا تجاريًا مهمًا في منطقة الخليج وما حولها، حيث استفاد خلالها التجار من هذا الموقع المميز لإتمام عملياتهم التجارية. وعلى الرغم من استمرار الشركات المحلية في الاستفادة من هذه الميزة للقيام بتصدير منتجاتها وخدماتها، إلا أن منتجات البترول والمعادن مازالت تهيمن على الكثير من صادرات المملكة حتى اليوم، لتصل إلى ثلاثة أرباع إجمالي الصادرات. في الوقت الذي تركز فيه معظم الشركات التي تتخذ من مملكة البحرين مقراً لها اليوم على استهداف السوق المحلية.

 

ويعود هذا التركيز في تلبية حاجة السوق المحلي إلى أسباب تاريخية. ففي العقود الأخيرة، شهد الاقتصاد المحلي نموًا متسارعًا بفضل الرخاء الاقتصادي الذي شهدته المنطقة والذي يعود إلى زيادة عائدات النفط والإنفاق الحكومي إلى جانب النمو السكاني المضطرد. مما ساهم في سهولة دخول السوق والاستحواذ على حصة منه عن طريق بدء الأعمال التجارية، وهو ماقام به معظم أصحاب الأعمال في المناطق التي كانت تتسم بقلة التحديات ورأس المال. وقد أدى ذلك إلى التركيز غير المتناسق آنذاك على تجارة التجزئة والمطاعم والبناء والخدمات الأساسية، وجميع الأنشطة التي تركز بشكل أساسي على السوق المحلية والذي أفضى للوصول إلى مرحلة التشبع.

 

وفي السنوات الأخيرة، أدت التغيرات المتمثلة في الواقع الجديد لأسواق النفط، وضبط الأوضاع المالية العامة، والهبوط التدريجي في النمو السكاني إلى إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي. ومع تباطؤ نمو الطلب وزيادة التكاليف، فإن الحد الأدنى من الكفاءة المطلوبة في الأعمال التجارية آخذ في الازدياد. وعليه، فقد حان الوقت لإبراز أفكار ريادية جديدة في السوق. ومع الوصول لحالة التشبع الاقتصادي في العديد من القطاعات والذي تعود أسبابه إلى التغيير التكنولوجي أيضًا، تزداد الحاجة إلى تطوير نماذج الأعمال والابتكار بصورة مستعجلة.

 

غالبًا ما تكون الشركات الناشئة المستفيدة من التقنيات الرقمية قابلة للتوسع الخارجي، وغالبًا ما يكون تركيزها عالمي. يمكن للشركات أيضًا الاستفادة من الفرص الجديدة من خلال النظر إلى ما وراء حدود السوق المحلية. فعلى الرغم من تسهيل هذه الخطوات نحو العالمية من خلال مجموعة متزايدة من حلول الدعم كالتسهيلات المالية وغيرها، فإن الطريق إلى التقدم والتوسع ليس دائمًا بسيطًا. غالبًا ما تكون المعلومات حول الفرص خارج البحرين غير متاحة بسهولة. يمكن أن تشكل البيئة التنافسية تحديًا، وهو ما يعود إلى افتقار العديد من الشركات للموارد اللازمة لمواجهة المنافسين بسهولة في الأسواق الكبيرة.

 

من المهم أن نضع في الاعتبار أن الصادرات المباشرة ليست الطريق الوحيد نحو العالمية. حيث تزدهر العديد من الأسواق الصغيرة على مستوى العالم من خلال الاندماج في سلاسل القيمة عبر الحدود. وعليه، فإن من الضروري على الشركات البحرينية أن تفهم الفرص الخارجية وخياراتها للاستفادة منها بشكل أفضل، سواء كان ذلك من خلال الشراكات أو التعاون أو التوحيد أو التصدير. كما هو الحال مع معظم الأشياء، سيبدأ طريق النجاح بفهم الخيارات المحتملة. ولكن من الواضح أن فرص التطوير الأكثر إقناعًا للشركات المحلية تتزايد بصورة مستمرة في الأسواق الخارجية. سيؤدي الاستحواذ عليها في النهاية إلى زيادة مرونة قطاع الشركات وزيادة فرص العمل.